هجرة الغساسنة إلى الشام


نتيجةً للاضطهاد الديني الذي تعرضت له القبائل الأزدية في نجران من اليهود وعبدة الأصنام، ونتيجة لتصدع سد مأرب وانزلاق بعض الصخور[1] في جوانبه تفرقت القبائل إلى أماكن مختلفة، ومنهم بنو جفنه الأزديين الذين اتجهوا مع مطلع القرن الثالث الميلادي شمالاً إلى بلاد الشام مروراً بإقليم تهامة[2] شرقي البحر الأحمر الذي نزلوا به زمناً قصيراً عند عين الماء المعروفة باسم "غسان" ومن هنا جاءت تسميتهم وعرفوا باسم الغساسنة، وأثناء ذلك خاضوا حروباً مع القبائل الأخرى، مثل "الجرهميين والعدنانيين" وبالتحديد في منطقة الحجاز.
واستمروا في هجرتهم بعد ذلك ووصلوا أراضي بلاد الشام إلى القسم الجنوبي منها وهي التي تعرف اليوم بأرض الأردن حتى خضعوا إلى حكم أبناء عمومتهم الضجاغم القضاعيين الذين فرضوا على الغساسنة دفع الأتاوه كدليلٍ على خضوعهم، إلى أن قامت حرب بين الفئتين انتهت بانتصار الغساسنة مما جعلهم يستولون على الأراضي التي كان الضجاغمة يسيطرون عليها وهي تلك المناطق الواقعة بين جبل الشيخ وجبال فلسطين والغور الفاصل بين الأردن وفلسطين والبلقاء والعقبة والجبال الكركية من أرض الأردن.
وعلى أثر ذلك أسس الغساسنة دولتهم في الشام تحت رعاية الإمبراطورية البيزنطية، أي الرومانية الشرقية، عام 220م، التي وجدت في الغساسنة حلفاء أقوياء يمكن الاعتماد عليهم في الصراع ضد الفرس الساسانيين الذين دأبوا علي تهديد ولاياتهم الشرقية، لذلك زادوا من صلاحيات الغساسنة ليتمكنوا من تكوين دولة حدودية غسانية حليفة، تؤازرهم في حروبهم ضد الفرس وحلفائهم المناذرة.


[1] تجلت مخاوف الأزديين في تصدع السد وانزلاق بعض الصخور في جوانبه في إدراكهم بكارثة قادمة قد تصيبهم إذا انهار السد، فيكون مصيرهم إما الغرق، وإن نجوا فيكون الجفاف وحياة القفر في انتظارهم ، لذا اختاروا الرحيل قبل أن تحل الكارثة وانهيار السد الذي بدأ انهياره بالفعل بين عامي 570 – 575م
[2] إقليم تهامة: منطقة تاريخية تعد أحد أقاليم شبه الجزيرة العربية الجغرافية الخمسة، وهي السهل الساحلي المحاذي للبحر الأحمر بين أقاليم الحجاز واليمن غرب شبة الجزيرة العربية. وأشهر مدن ساحل تهامة في الوقت الحالي: جدة، ينبع، الليث، القنفذة، جازان، الحديدة وزبيد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

الرجاء الإلتزام بآداب التعليقات واحترام الرأي الآخر